اخر الاخبار
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

عالم الكمبيوتر

الاثنين، 6 أكتوبر 2014

منظومه دعم السلع التموينيه في مصر


يمثل دعم السلع الغذائية بالنسبة لملايين المصريين شبكة الأمان الرئيسية لضمان الحصول على حد أدنى من السلع الغذائية الأساسية، خاصة فى الفترات التى يرتفع فيها المستوى العام للأسعار.
ونشير هنا إلى أن إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولى قد أكدت منذ بضع سنوات أنه لولا دعم السلع الغذائية فى مصر خلال عام 2008/2009 لارتفعت نسبة الفقراء من 20% إلى 30% من السكان. وقد كان المتصور مع إعلان الحكومة عن رفع أسعار المنتجات البترولية أن يكون دعم السلع الغذائية أحد الأدوات الرئيسية التى يتم الاعتماد عليها لتخفيف وطأة ذلك الإجراء على الفقراء ومحدودى الدخل.
إلا أن الواضح أن الحكومة تنظر إلى دعم السلع التموينية فقط باعتباره تكلفة تتحملها الموازنة العامة للدولة، ويجب السعى بمختلف السبل لتخفيض تلك التكلفة وبسرعة، بغض النظر عن العواقب. المنظومة الجديدة التى تم الإعلان عن تطبيقها تمثل تحولا إلى الدعم النقدي. فوفقا للمنظومة القديمة كان كل مواطن مسجل فى البطاقة التموينية يحصل على كميات محددة من الزيت والسكر والأرز بسعر منخفض، يمثل فى المتوسط ما يتراوح بين 20% و 25% فقط من سعر السوق. السعر المنخفض كان يعكس فى معظم الأحيان رداءة السلع المطروحة على المواطنين (خاصة الأرز)مقارنة بما يتم بيعه فى السوق.
النظام الجديد لم يعد يحدد كميات، بل يحدد لكل فرد مسجل فى بطاقة التموين مبلغ 15 جنيها، يستخدمها فى شراء ما يختاره من بين نحو 20 سلعة، أسعارها تقل بعض الشيء عن مستوى أسعار السوق. النظرة الأولى توحى بأننا ننتقل إلى شكل أفضل لدعم السلع التموينية. فعلى الصعيد النظرى عادة ما يشار إلى الدعم النقدى باعتباره الآلية الأكثر كفاءة التى تكفل وصول الدعم إلى مستحقيه، وتتيح لهم حرية الاختيار وتعظيم المنفعة، كما تتفادى المشكلات الناجمة عن وجود سعرين لنفس السلعة، وما يترتب على ذلك من عمليات تهريب وهدر للموارد. وعلى الصعيد العملى يمثل النظام الجديد حلا لمشكلة استيلاء التجار الذين تعهد إليهم الحكومة بعملية التوزيع على جزء معتبر من المقررات التموينية.
ومع ذلك فيلاحظ أن منظومة التموين الجديدة وآليات عملها يشوبها الكثير من الغموض. الناس تتحدث عن تحمل تكلفة مشال وهامش ربح للتاجر وأحيانا ضرائب. وزير التموين يصرح بأن المواطن يمكنه الحصول على كيلو لحم بجنيه واحد ودجاجة بخمسة وسبعين قرشا، ثم يصرح المتحدث باسم وزارة التموين بأن ثمن كيلو اللحم 29 جنيها، ويتحمل المستهلك جنيها يمثل هامش ربح التاجر. ونحتار جميعا كم يتعين أن يدفع المواطن إذا كان الدعم المقرر أصلا 15 جنيها.
المؤكد أن الحكومة قد تعجلت فى طرح النظام الجديد قبل أن تمتلك أدوات تنفيذه. الشكوى العامة هى عدم توافر السلع لدى بقالى التموين، بالتالى عدم صرف المستحقات المقررة. الحكومة تؤكد أن السبب هو قيام الشركات الموردة للسلع التموينية بعمل جرد خلال شهر يوليو، والقيام بتطوير الماكينات الخاصة بصرف السلع المدعمة لدى بقالى التموين لتشمل عشرين سلعة بدلا من ثلاث فقط. ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية يقول إن اكتمال تعاقدات توريد السلع من جانب الشركات الموردة لن يتم قبل شهر اكتوبر! الفقراء يسألون عن اللحم والدجاج المدعم، والحكومة اكتشفت أن الغالبية العظمى من محال توزيع التموين، خاصة فى المحافظات، ليس لديها ثلاجات. السؤال البديهى هو ألم تكن الحكومة تعرف أن التعاقدات مع الموردين لن تكتمل إلا بعد ثلاثة أشهر وأن بقالى التموين ليس لديهم ثلاجات، وأن عددا كبيرا منهم تحت سيطرة الإخوان المسلمين، وشكل عبر سنوات طويلة المورد للزيت والسكر اللازمين للرشاوى الانتخابية؟ لماذا سارعت الحكومة إلى البدء فى النظام الجديد ولم تنتظر لحين اكتمال سيطرتها على أدوات التنفيذ؟.
القضية الأهم هى أنه حتى لو كانت كل الشروط المطلوبة لتنفيذ النظام الجديد متوافرة فإنه يؤدى ببساطة إلى تخفيض الدعم الحقيقى الذى يحصل عليه الفقراء. النظام القديم كان يضمن حصول المواطن على كميات محددة من السلع مقابل 10 جنيهات، النظام الجديد يعطيه 15 جنيها بينما تبلغ تكلفة نفس الكميات 32 جنيها. فرق التكلفة محتمل بالنسبة للطبقة المتوسطة التى تشير ردود أفعالها المبدئية إلى رضائها عن تحسن جودة السلع. أما الفقير فقد صار عليه إما أن يتحمل الفرق الكبير فى التكلفة أو يخفض كمية السلع التى يشتريها.
تخفيض الدعم يكون بإلغاء بطاقات التموين لغير المستحقين. عدد حائزى بطاقات التموين يتراوح طبقا للتصريحات الرسمية بين 67 مليونا و69 مليون مواطن. هل يعقل أن أكثر من 77% من السكان يستحقون دعم السلع التموينية؟ الحكومة تدعو المواطنين القادرين إلى التنازل طواعية عن بطاقاتهم التموينية. لماذا يكون الإجبار هو السائد عند تعامل الحكومة مع الفقراء، والاختيار هو شعارها عند التعامل مع القادرين؟ يجب تنقية قوائم حائزى البطاقات واستبعاد غير المستحقين. يجب تحديد قيمة الدعم النقدى بما يكفى للحفاظ على نفس كميات السلع، وإعادة النظر فى قيمته دوريا وفقا للتغير فى الأسعار. يجب نشر المجمعات الاستهلاكية فى القرى والصعيد والرقابة الجادة على بقالى التموين. يجب الشفافية وتوضيح عناصر التكلفة الحقيقية التى يتحملها المستهلك. يجب تأجيل العمل بالمنظومة الجديدة لحين اكتمال توريد السلع، ولن نقول لحين توفير الثلاجات!.

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق